کد مطلب:280462 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:178

مستقر المسیرات الانحرافیة
یبعث الله تعالی الأنبیاء والرسل لیذكروا الناس بالمخزون الفطری الذی وضعه الله فی النفس البشریة عند بدأ الخلق، وهذا المخزون هو توحیده تعالی، ویقوم الأنبیاء والرسل علی امتداد عهد البعثة بسوق الناس إلی طریق الهدی ببیانهم للناس ما أنزل إلیهم من ربهم، وبعد أن یقیم رسل الله الحجة علی الناس. ینسی بعض الناس ما ذكروا به، ویقومون بأعمال تعارض الفطرة ووصایا الله، وأخبرت الدعوة الخاتمة أن الله تعالی یستدرج هذه المسیرات الانحرافیة علی امتداد المسیرة البشریة، وعلی امتداد الاستدراج ینال الذین ظلموا عذاب الخزی فی الحیاة الدنیا، قال تعالی: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا علیهم أبواب كل شئ حتی إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذین ظلموا والحمد لله رب العالمین). [1] .

وعذاب الاستدراج فی الحیاة الدنیا أبوابه مفتوحة، یدخل فیها الحاضر إذا أخذ بأسباب الانحراف من الماضی، وإذا انطلق الحاضر إلی المستقبل ولم تحدثه نفسه بتوبة، انتهت أقدامه إلی المسیح الدجال، وفی دائرة الدجال تنال جمیع رایات الانحراف والشذوذ عذاب الخزی



[ صفحه 365]



ویقطع الله دابرهم بعذاب الاستئصال. والنبی الخاتم (ص) أخبر بأن جمیع الأنبیاء حذروا أممهم من الدجال، وقال إن الله لم یبعث نبیا إلا حذر أمته الدجال، [2] وحذر النبی (ص) من الدجال ومن كل عمل ینتهی إلیه.

ومن ذلك قوله وما صنعت فتنة منذ كانت الدنیا صغیرة ولا كبیرة إلا لفتنة الدجال. [3] .

وطریق الدجال یبدأ بانحراف دقیق عند المقدمة. ثم یتسع شیئا فشیئا علی امتداد المسیرة. وفی مناطق الاتساع ترفع للشذوذ رایات بعد أن ألفه الناس. وهذه الرایات بینها النبی الخاتم (ص) وهو یخبر بأشراط الساعة، ومن ذلك قوله من أشراط الساعة أن یرفع العلم ویثبت الجهل ویشرب الخمر ویظهر الزنا. [4] وقال إن بین یدی الساعة أیاما یرفع فیها العلم وینزل فیها الجهل ویكثر فیها الهرج والهرج القتل، [5] فهذه العلامات تظهر علی طریق الفتن والانحراف. وبینها النبی الخاتم لیراجع الناس أنفسهم علی امتداد المسیرة، ویشهدوا له بالنبوة بعد أن رأوا أحداثا أخبر بها یوم أن كانت غیبا، فالأحداث فی عالم المشاهدة المنظور دعوة للتوبة وتحذیرا من العقاب الذی یحمله طریق الاستدراج.

وآخر الزمان یقف تحت أعلام الدجال جمیع المسیرات التی انحرفت عن میثاق الفطرة وأشركت بالله، ویقف تحتها صناع الفتن وأصحاب الأهواء وتجار الشذوذ وجلادی الشعوب، وجمیع الذین ظلموا وصدوا عن سبیل الله العزیز الحكیم، فهؤلاء وغیرهم سینتظمون وراء قیادة الدجال آخر الزمان ویطیعون أوامره، وسیدخلون معه لقتال



[ صفحه 366]



المهدی المنتظر والمسیح عیسی بن مریم علیهما السلام (والله غالب علی أمره ولكن أكثر الناس لا یعلمون). [6] .


[1] سورة الأنعام آية 44.

[2] رواه الإمام أحمد (الفتح الرباني 69 / 24).

[3] رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح (الفتح الرباني 69 / 24).

[4] رواه مسلم (الصحيح 58 / 8).

[5] رواه مسلم (الصحيح 58 / 8.

[6] سورة يوسف آية 21.